الفراعنة وسحر كرة القدم: حكاية هوس مصرية من عام 1882

Tunisia v Egypt: Semi-Final - FIFA Arab Cup Qatar 2021

الفراعنة وسحر كرة القدم: حكاية هوس مصرية من عام 1882 Credit: ATPImages/Getty Images

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

حلقة جديدة من بودكاست العرب وشغف الكرة تتحدث عن عشق المصريين للساحرة المستديرة.


النقاط الرئيسية
  • بدء تعلق المصريين بكرة القدم مع دخول الاحتلال الإنجليزي عام 1882
  • توارث الانتماء الكروي في مصر عابر للحدود والطبقات الاجتماعية
  • شغف المصريين بالساحرة المستديرة قادر على اسعاد الملايين بركلة قدم
يسود الصمت على العاصمة المصرية في الموعد المرتقب، يختفي 22 مليون نسمة في لحظة انطلاق المباراة، تنطلق صافرة الحكم لتعلن بداية اللقاء، تتعلق العقول والقلوب بأقدام 22 لاعبا و 90 دقيقة من المتعة والحماس والاثارة، إنه جنون كرة القدم في هذا البلد.

من أين نبدأ حكاية عشق مصر والمصريين لكرة القدم، بل الهوس بالساحرة المستديرة والتي لديها القدرة على اسعاد 100 مليون شخص بركلة قدم؟

يعتقد الناقد الرياضي وسيم أحمد أن بداية تاريخ لعبة كرة القدم في مصر بدء مع وصول الاحتلال الإنجليزي إلى البلاد في عام 1822.

يروي وسيم "أرى أن ضربة البداية كانت في عام 1882، حيث جلب الضباط الانجليز معهم بجانب الأسلحة والذخائر، كرة القدم والتنس والمضرب والجولف لتسلية كبار القادة خلال أوقات فراغهم، وفي ساحات تلك المعسكرات، شاهد المصريون للمرة الأولى كرة القدم ووقعوا على الفور في غرامها".
Wasim.PNG
الناقد الرياضي- وسيم أحمد
ويتابع وسيم موضحا "وكانت أول مباراة في عام 1895 بين التيم المصري وفريق أورانس الإنجليزي وتمكن الفريق المصري من هزيمة النادي الإنجليزي، ومن ثم نقل المصريون الكرة إلى الشوارع والأزقة الخلفية وكانت تلك نواة الأندية الجماهيرية والتي بدأت بنادي السكة الحديد في عام 1903 وهو أول نادي في الشرق الأوسط".

وعلى الرغم من أن المنتخب المصري ليس من بين أكثر الدول الافريقية مشاركة في المونديال حيث نجح بالتأهل في ثلاث دورات فقط ( 1934و1990و 2018(، ولكن مصر بالتأكيد من أكبر الدول العربية متابعة وهوسا بكأس العالم وكرة القدم بشكل عام.

يحكي وسيم" تاريخ مشاركات مصر في كأس العالم لا يخفى على أحد، شاركت مصر في ثلاث نسخ من البطولة، وكانت مصر من أوائل الدول في العالم للتأهل للبطولة في عام 1934، حيث لعبت مباراة تصفيات واحدة مع فلسطين ونجحت بالتأهل لتلك الدورة".
منتخب مصر كأس العالم 1990.PNG
منتخب مصر الذي شارك في كأس العالم 1990
ويتابع وسيم موضحا" في الحقيقة، لم تكن البطولة آنذاك بالصعوبة التي نراها الآن، ولكن مصر لم تتمكن من الفوز بأية مباراة في تلك النسخة، ومن ثم تأهلنا بعد 56 عاما في سنة 1990 بإيطاليا ولم ننجح بالفوز بأية مباراة أيضا".

يتذكر الكابتن عادل عبد الرحمن لاعب منتخب مصر الذي شارك في كأس العالم 1990 ولاعب النادي الأهلي السابق ذكرياته بشغف عن أجواء كأس العالم ومباريات القمة.

يقول عادل" شعور لا يوصف، انتظرنا 56 عاما للوصول إلى كأس العالم، ونجحنا في ذلك بفضل الله وبفضل تعليمات الكابتن محمود الجوهري مدرب المنتخب الراحل".

يواصل عادل حديث الذكريات" شرف كبير بالنسبة لكل لاعبي المنتخب في ذلك الوقت، انتظر المصريون بفارغ الصبر رؤية منتخب بلادهم في كأس العالم وذلك شعور لا يوصف".
Adel Abdelrahman.PNG
لاعب منتخب مصر والنادي الأهلي السابق- عادل عبد الرحمن
يحكي عادل عن تلك التجربة موضحا" أدينا بشكل جيد في التصفيات وأوقعتنا القرعة في مجموعة صعبة بكأس العالم مع منتخبات أيرلندا وهولندا بطل كأس أوروبا لعام 1988 ومنتخب إنجلترا العريق".

كانت الآمال معلقة على تأهل الفراعنة إلى البطولة الأغلى في قطر حيث تتفوق مصر برصيد 7 بطولات وخاصة أن لديها أحد أبرز اللاعبين على مستوى العالم وهو اللاعب محمد صلاح نجم نادي ليفربول الإنجليزي، إلا أن القرعة أوقعت المصريين مع الأسود السنغالية التي نجحت بخطف بطاقة التأهل في المباراة الفاصلة بين الجانبين بركلات الجزاء الترجيحية في مارس الماضي.

يعلق مصطفى وهو أحد المشجعين المصريين في أستراليا على ذلك قائلا" كرة القدم لعبة جماعية، حتى لو كان لدينا محمد صلاح، لابد وأن نلعب بشكل جماعي وبهدف الفوز والنتائج ومن ثم الأداء، التاريخ يتذكر الفائز فقط".

تحتفظ مصر برصيد كبير مع الكرة العربية والافريقية خاصة بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك ومنافساتهما المستمرة لأكثر من 100 عام.
اقرأ المزيد

العرب والكرة

ودائما يكون الصراع بين أبناء القلعة الحمراء متمثلة في النادي الأهلي صاحب أكبر رصيد من البطولات في القارة الافريقية والمصنف عالميا والغريم التقليدي الفارس الأبيض نادي الزمالك الملكي.

يلتقي قطبا الكرة المصرية مرتان على الأقل خلال كل موسم كروي، وفي بعض الأحيان 6 مرات إذا أوقعت القرعة الغريمين في بطولتي الكأس والبطولة الافريقية مما يضمن المتعة والاثارة لعشاق كرة القدم في مصر والدول العربية.

شارك عادل في العديد من تلك اللقاءات ويصف شعوره" مباريات الأهلي والزمالك لقاءات ممتعة للغاية بالنسبة لي، وكانت من أسهل المباريات علينا كلاعبين، لأننا نستمتع بالأداء واللعب والمهارات بعيدا عن الخطط التكتيكية التي قد تفقد المباراة متعتها وإثارتها".

ويتابع عادل موضحا" مباريات ممتعة، كرة قدم مفتوحة، الأفضل يفوز في النهاية".
الأهلي والزمالك.PNG
النادي الأهلي ونادي الزمالك
وحول التعصب الكروي والمشاحنات بين اللاعبين خلال تلك اللقاءات، يقول عادل " لابد للناس من أن تدرك أن اللاعبين زملاء وأصدقاء في المنتخب، بعيدا عن النادي، وأن الخلافات والشد العصبي الذي يحدث خلال تلك اللقاءات ينتهي على أرض الملعب وبمجرد انتهاء اللقاء تسود الروح الرياضية والمودة بين اللاعبين".

كرة القدم في مصر ليست مجرد اللعبة الشعبية الأولى، ولكنها تتقاطع مع السياسة والاعلام والفن وكافة مجالات الحياة، الانتماء الكروي سواء للأهلي والزمالك متوارث بين العائلات بشكل مقدس، الأهلي فاز ب 115 بطولة محلية وقارية منذ انشائه في عام 1907 ، بينما فاز نادي الزمالك ب78 بطولة.

وتباينت آراء العديد من المشجعين والناقدين حول ظاهرة الانتماء الكروي في مصر، حيث يرى المعلق الرياضي محمد الكواليني أن مسألة توارث الانتماء الكروي لم تعد موجودة.

يوضح الكواليني وجهة نظره" لا أعتقد بوجود ظاهرة توارث الانتماء الكروي في مصر بين العائلات، ربما فيما مضى، ولكن الآن، كل مشجع كروي يختار فريقه بناء على متابعته لذلك النادي ومن الممكن أن يغير انتمائه بسهولة".
Al Ahli's Club fans cheer for their team
Al Ahli's fans cheer for their team during the last exercise before traveling to Morocco, Al-Ahli officials have agreed to open the stadium in front of the fans on 31 October 2017 to attend the last match of the first team in Cairo, before traveling to Morocco to face Wydad Casablanca in the match scheduled for Saturday next round of the final of the African Champions League. The first leg between them ends with a draw 1-1 . Al-Ahli need to win or draw 2-2 at least to win the African Champions League title, Al Ahli club has the most Champions League titles with 8 titles (Photo by Ahmed Awaad/NurPhoto via Getty Images) Source: NurPhoto / NurPhoto/NurPhoto via Getty Images
بينما يرى البعض الآخر أن مسألة تغيير الانتماء الكروي أمر صعب، حتى لو سافر البعض إلى دول أخرى، فلا يزالون يحملون معهم أعلام ناديهم المفضل في أستراليا.

لحظات فاصلة يتذكرها كل مشجع مصري في تاريخ مشاركات المنتخب خلال كأس العالم والتصفيات.

تعبيرات وفرحة المعلقين الجنونية المختلطة بلحظات الحزن عند الخسارة، مزيج غريب من المشاعر يوحد قلوب المصريين على اختلافهم وينسيهم همومهم ولو لساعة ونصف من يومهم المزدحم.

صاحب صوت الكواليني لحظات هامة في مشوار المنتخب المصري مع كرة القدم يتذكرها كل مشجعي ومحبي الكرة المصرية، يتذكر الكواليني إحدى تلك اللحظات بحنين كبير" لا أنسى لحظة تعليقي على افتتاح كأس الأمم الافريقية في عام 2006".

ويتابع الكواليني مسترسلا في حديثه" كان شرف كبير، حيث صاحبت المعلق الراحل حمادة إمام وكانت تلك المرة الأولى التي أدخل فيها كابينة التعليق بعد أن كنت مراسلا في تلك البطولة".
Kawaleny.PNG
المعلق الرياضي- محمد الكواليني
يسترجع الكواليني اللحظات المضيئة والتي صاحب فيها صوته لحظات انتصار وانكسار للمنتخب المصري، ولكنها اجمالا لحظات فخر وشعور لا يوصف.

يحكي الكواليني" شرفت بالتعليق على مباريات منتخب مصر في كأس الأمم الافريقية لعام 2008 ومن ثم كأس العالم للقارات في عام 2009 وأيضا في كأس العالم 2018 في روسيا، وهو شرف كبير نظرا لأننا لا نصل إلى كأس العالم كثيرا، وأتمنى أن أعلق لمباريات مصر في حال الترشح لكأس العالم 2026".

ومفارقات مصر مستمرة مع كأس العالم، ومن بين أشهر تلك المفارقات قيام الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا بتعديل قوانين اللعبة في عام 1990 (تغيير قانون مسك الحارس للكرة العائدة من زميل) بعد مشاركة مصر في تلك النسخة وتعمد الحارسين في إضاعة الوقت خلال المباراة الشهيرة ضد ايرلندا والتي وصفت بأكثر مباراة مملة في تاريخ الكأس.

يدور الحديث حول كأس العالم في مصر كل يوم، حتى لو لم يتأهل المنتخب المصري إلى البطولة.. يستخدم المصريون في أحاديثهم اليومية تعبير " يعني كسبت كأس العالم" للدلالة على أهمية شيء ما وذلك في سياقات مختلفة ليست بالضرورة رياضية ولكنها تعبر عن دلالة ورمزية الكأس للمصريين.

يؤكد المشجع المصري محمد فودة على أهمية بطولة كأس العالم موضحا" من الواضح أن مدى تشجيع الكرة يتغير في كل بلد على حسب المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وكأس العالم هو أكبر حدث كروي والمصريون مهوسون بكرة القدم بكافة أطيافهم".
شهدت آخر مشاركات مصر بكأس العالم خسارة الفراعنة في 3 مباريات أمام المضيف الروسي والمنتخب الأرجواني ومنتخب السعودية ليودع المصريون البطولة مبكرا ولكن، جاء هذا بعد تحقيق حلم التأهل لأول مرة منذ 30 عاما والذي كان له طعم خاص بغض النظر عن الخروج من مرحلة المجموعات.

يعلق وسيم عن هذا موضحا" في 2018، تنجه مصر للوصول إلى كأس العالم بصعوبة بعد أن استطاع محمد صلاح تسجيل ضربة الجزاء في آخر مباراة في التصفيات أمام منتخب الكونغو ولم نتمكن أيضا من تحقيق أي فوز في تلك البطولة".

كما وضح وسيم إحصائية هامة عن مشاركات مصر بكأس العالم قائلا:" من وجهة نظري، منتخب مصر من بين الشعوب البائسة في كأس العالم، حيث لم تتمكن شعوب 3 منتخبات في تحقيق أية انتصار عندما شاركت بكأس العالم، وهم مصر وبوليفيا وهندوراس، نحن لا نتحدث عن الفوز بالبطولة ذاتها، انما تذوق طعم الفوز في مباراة واحدة ضمن المنافسات".

وهذه المرة الكأس بنكهة عربية في الدوحة، يسافر المصريون ويجوبون مشارق الأرض ومغاربها ولكن لا يغيرون انتمائهم الكروي أبدا.. يأخذون معهم الولع بالساحرة المستديرة أينما كانوا سواء في قطر أو أستراليا.

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و و

توجهوا الآن إلى للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على


شارك