تجربتي في أستراليا: ضريبة الهجرة باهظة ومن الصعب وصول المهاجر لمكانه المناسب

Sudanese artist Fathia Bella

Sudanese artist Fathia Bella Source: Supplied

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

الفنانة التشكيلية فتحية بلة وصلت أستراليا كلاجئة وشاركت في معرض فني راق في غضون اسبوعين من وصولها وهي بعد أكثر من ستة عشر عاما في الغربة ما زالت تحن إلى وطنها الأم السودان.


في عام 2004، بدأت الفنانة التشكيلية والمخرجة السينمائية السودانية فتحية بلة في حزم حقائبها استعدادا لفتح صفحة جديدة في حياتها في أستراليا.

فتحية التي كانت في الثلاثينات من عمرها، كانت قد تركت بلدها السودان متوجهة إلى مصر، كما أخبرت أس بي أس عربي24: "السودان كان في ظل حكومة قمة في الاضطهاد والقهر والديكتاتورية وكانت الناس كلها تعاني معاناة شديدة خاصة الفنانين."

وأضافت "لم تكن هناك أي مساحة على الإطلاق في السودان سواء للسينمائيين أو التشكيليين في الفترة التي كانت فيها حكومة البشير." وقالت "بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ضغوط معيشية اقتصادية وغيرها، وكان هذا هو الدافع الأول الذي دفعنا للهجرة."

كان أول رحيل لفتحية بلة عن وطنها شمالا باتجاه الجارة مصر، والتي قالت عنها "كان هناك مساحة من الحرية لنا، ولكنها كانت مثل السودان من ناحية المعيشة والحياة وغيرها، وكانت الأوضاع ضاغطة خاصة بالنسبة لنا كمهاجرين."
كانت رغبة فتحية في إعادة التوطين الذهاب إلى أستراليا: "فكرت أن أستراليا دولة جديدة وبالتالي لا تزال غير مكتظة بالبشر، وفي حاجة لمهاجرين، ومن ثم يمكن أن أجد فيها فرصا للانطلاق والتنمية وأشياء أخرى كثيرة لتحقيق أحلامي."

وبالفعل رافق وصول فتحية بلة إلى أستراليا استقبالا حافلا: "أول ما وصلت كان هناك معرض كبير جدا للفنانين التشكيليين القادمين من خلفيات ثقافية متنوعة، وقد شاركت في رغم ضيق الوقت."

وقالت "شاركت في المعرض بعد أسبوعين فقط من مجيئي إلى أستراليا، وقد أنجزت في تلك الفترة البسيطة اثنين من لوحاتي وشاركت بهما في المعرض."

كان وقع مشاركتها كبيرا، وهي التي وصلت لتوها إلى البلد الجديد "فزت بالجائزة الأولى وأخدوا واحدة من اللوحات لتصبح شعارا لمركز التعددية الثقافية في غرانفيل، وكانت تلك نقطة مضيئة جدا بالنسبة لي."

وأضافت "كان هناك استقبال رائع جدا من كل النواحي وأجرت مع الصحف والمجلات لقاءات باعتباري فنانة سودانية وشعرت أن حلمي يمكن أن يتحقق."
Sudanese artist Fathia Bella
Sudanese artist Fathia Bella Source: Supplied
ولكن سرعان ما كشفت تجربة الاغتراب عن وجهها الآخر للفنانة فتحية بلة: "هناك ضريبة يجب دفعها من الوقت والعمر والمشاعر، وبسبب اللغة، ولكي يصل الإنسان إلى المستوى المناسب له في أستراليا، فإن تلك رحلة طويلة جدا، بها صراع بين الالتزامات الخاصة والتزامات الأهل والوطن."

وقالت "عندما دخلت إلى معترك الحياة هنا، بدأ مجهودي كله يركز على تحصيل المعيشة من أجل العمل ومساعدة الأهل، وبالتالي وجدت أن مسألة الفن ابتعدت عني شيئا فشيء."

وأضافت "عندما كنت في مصر والدول العربية كنت منتجة فنيا وفنانة أكثر من أستراليا، رغم أني حققت هنا بعض الجوائز والمواقف الفنية الجيدة ولكن الحضور لم يكن بالشكل المطلوب."

وعلى مدار 16 عاما في أستراليا حفرت فتحية لنفسها مكانة في الجالية السودانية والعربية بشكل عام، وظل الفن أحد الوسائل التي يمكنها من لعب دور فعال في الجالية.

وقالت "قمت بتصميم أحد مشاريع إعادة تدوير النفايات لتصبح قطعا فنية، وحصلت على تمويل من وزارة الفنون وبمساعدة مركز أوبرن للمهاجرين، استطعت أن أنظم ورشة عمل للنساء وخرج من هذا المشروع أعمال فنية جميلة جدا."
وبعد هذه الرحلة الطويلة مع الهجرة والسفر ما زالت فتحية تفتقد الكثير من الأشياء في السودان، حيث تنهدت باشتياق عندما تذكرت الأشياء التي تفتقدها في السودان قائلة "يالله، كثير كثير كثير."

وقالت "العادات والتقاليد والتراث وأشياء شعبية والوضع نفسه المتعلق بالبيئة الجميلة والوطن والعلاقات الاجتماعية الموجودة في السودان، حيث يمتاز السودان بعلاقات اجتماعية على درجة عالية من الجمال."

وعلى الرغم من تمسك الحالية السودانية في أستراليا بالعادات والتقاليد الجميلة إلا أن "مسألة الغربة والهجرة واختلاف الثقافة واختلاف أشياء كثيرة جدا، جعلت الناس ليست على نفس الارتباط الاجتماعي والوجداني مثل الوطن."

وأكدت فتحية بلة على المعاني الأخرى التي وجدتها هنا في أستراليا وتمنت لو كانت موجودة في السودان مثل "الحرية وحقوق الإنسان والعدالة والتعامل الراقي بين أفراد المجتمع والنظام والقانون واحترام القانون."

وقالت إن أستراليا بلد خصب للغاية ويمكن أن يزرع فيه الإنسان أحلامه وينفذها إذا استطاع البعد عن المتاعب والالتزامات التي يحملها المهاجرون معهم من أوطانهم.


شارك