الطاقة النووية ترفع حرارة الجدل في أستراليا حول خيارات توليد الطاقة

Aboriginal elders and Adelaide students gather to take a stand against the dumping of nuclear waste in Australia. Thursday, July 9, 2015.

Aboriginal elders and Adelaide students gather to take a stand against the dumping of nuclear waste in Australia. Thursday, July 9, 2015. Source: AAP

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

عادت حرارة الجدل لترتفع بين السياسيين في أستراليا فيما يتعلق بتوليد الطاقة وبرز الخيار النووي من بين الخيارات التي طرحت مجددا للاستعاضة عن استخدام الفحم الحجري الذي يزيد من انبعاثات الكربون.


ارتفعت حرارة الجدل في أستراليا ضمن الفريق الواحد حول مصادر الطاقة. فبينما دعا البعض على الإبقاء على الفحم كمصدر رخيص لإنتاج الطاقة، طرح آخرون فكرة استخدام الطاقة النووية كبديل في المستقبل.

ولقد حث نواب من ائتلاف الأحرار والوطنيين حكومة سكوت موريسون على النظر في المسألة الشائكة المتعلقة بالطاقة النووية، قائلين إن احتمال كونها مصدرا خاليا من الانبعاثات لإنتاج الطاقة هو أمر مغرٍ للغاية ولا يمكن تجاهله.

وقالوا إنه بإمكان الحكومة الحفاظ على موقف أستراليا المبدئي القاضي بتعليق أي استخدام للطاقة النووية، لكن بإمكانها أن تكون في الوقت نفسه الرائدة في البحث في كيفية الوصول إلى طاقة نووية آمنة وفعالة، وتطوير تقنيات جديدة في هذا المجال.

وأشار هؤلاء النواب إلى أن مقترح التوجه إلى استخدام الطاقة النووية يجب أن يكون من أحد البدائل لاستخدام الفحم الحجري، لأنه لا يمكن الوثوق باستخدام الطاقة المتجددة كمصدر وحيد لتشغيل شبكة الكهرباء في أستراليا.
The Climate Council has ranked the nation's states and territories based on their engagement and future commitment to renewable energy.
Source: AAP
وفي حديث مع SBS Arabic24 أكد البروفسور بسام دللي، نائب مدير مركز تكنولوجيا الطاقة في جامعة أدليد أن استخدام الطاقة المتجددة أثبت فعاليته في ولاية جنوب أستراليا حيث تستخدم الولاية الطاقة المتجددة في 70 بالمئة من حاجتها للكهرباء. وقال "خلال فصل الصيف الحار الحالي لم يكن هناك أي مشكلة في الكهرباء لأن الحكومة وضعت بطاريات من صناعة شركة Tesla وقد أثبتت فعاليتها".

ولفت الدكتور بسام دللي إلى الخيار الآخر وهو استخدام الطاقة الكهرومائية والتي يخطط للعمل بها ضمن مشروع "بطارية البلاد" في منطقة Snowy Mountains.

يذكر أن استخدام الطاقة النووية في أستراليا كان موضع جدل منذ الخمسينات من القرن الماضي، ولم تُنشأ في أستراليا محطة للطاقة النووية، مع أن أستراليا  تملك 33 % من احتياط اليورانيوم في العالم، وتعتبر ثالث أكبر دولة منتجة له بعد كازخستان وكندا.

ومنذ خمسينات القرن الماضي طالب حزب الأحرار بتطوير طاقة نووية وصناعات نووية في أستراليا. لكن تلك الدعوات جابهتها حركات احتجاجية اعترضت على الكلفة البيئية والاقتصادية لتطوير طاقة نووية وعلى إمكانية تحويل المواد الانشطارية إلى انتاج أسلحة نووية.

والعام الماضي درست لجنة برلمانية، كان أغلب أعضائها من نواب الحكومة، وترأسها النائب Ted O’Brien من الحزب الوطني الليبرالي، مسألة الطاقة النووية، وأصدرت بيانا دعا إلى رفع جزئي للحظر المفروض على بناء منشآت نووية منذ 20 عاما.

وجاء في التقرير: "عوضا عن رفع كامل وفوري على الحظر، تقترح اللجنة رفعا جزئيا من أجل تقنيات جديدة ومبتكرة، وفقا لنتائج اختبارات تقنية، وبشرط موافقة الرأي العام الأسترالي على منشآت نووية"

ويقول البروفسور بسام دللي "لا شك أن الطاقة النووية هي إحدى الطرق التي يمكننا من خلالها  تخفيف كمية الكربون من الغلاف الجوي للكرة الأرضية، وأن فكرة استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء ليست جديدة، فهناك 15 بالمئة من الكهرباء يولد بالعالم عن طريق الطاقة النووية"

لكنه لفت إلى قرار ألمانيا واليابان قررتا إغلاق محطات الطاقة النووية في المستقبل القريب.

وقال "صحيح أن لدى أستراليا الكثير من اليورانيوم الذي يمكن أن يستعمل، ولكن باعتقادي أن البدائل التي من الممكن استعمالها لها امكانيات أكثر من الطاقة النووية".

غير أن رئيس الوزراء سكوت موريسون ووزير الطاقة استبعدوا رفع الحظر بسبب عدم الإجماع على الطاقة النووية في البلاد.
Prime Minister Scott Morrison and Energy Minister Angus Taylor
The federal government will prioritise its plan to boost supply in the electricity market. (AAP) Source: AAP
ويقول المدافعون عن خيار الطاقة النووية أن الكلفة ستقل مع وجود تقنيات جديدة مشيرين إلى إمكانية إنشاء مفاعلات صغيرة إلى متوسطة الحجم..

ويقول البروفسور بسام دللي إن المشكلة سياسية حيث أن مسألة الطاقة أودت بحظوظ عدة رؤساء حكومات في السنوات القليلة الماضية، لافتا إلى أن النقاش سيستمر لفترة طويلة، ولن يتخذ أي قرار قريب حول الموضوع.

أما نواب حزب العمال فأصدروا تقريرا مخالفا قال إن اللجنة استمعت إلى خبراء أشاروا إلى  إن الطاقة المتجددة تقدم آفاقا أفضل لاستبدال الوقود الأحفوري ، كما وأن سجل سلامة الطاقة النووية يجعل الأمر محفوفًا بالمخاطر.

وجاء في التقرير "إن حوادث (مثل الذي حصل في فوكوشيما) والتقدم والابتكارات في الطاقة المتجددة، والتطور في أنظمة الطاقة والمناخ في السنوات العشر الماضية، قللت من ضرورة الطاقة النووية وملاءمتها في أستراليا، في الوقت الذي تتراجع فيه في أماكن أخرى".  

وفي ظل هذه الأجواء الحارة من النقاش، عاد الجدل حول الفحم ليحدث انقساما في صفوف الائتلاف، فبينما يؤيد عدد من نواب الائتلاف التركيز على الفحم، يدعو النواب الليبراليون الأكثر اعتدالا إلى التحرك من أجل التصدي للتغير المناخي.

الرئيس السابق لحزب الوطنيين بارنبي جويس قال إن من أهداف الاستثمار في الفحم هو تأمين طاقة بسعر رخيص للفقراء من الأستراليين.  وأضاف قائلا إن همّه ، ليس الفحم بحد ذاته، وإنما تأمين الطاقة بسعر يمكن للفقراء أن يتحملوه، وتوفير حياة كريمة للأستراليين.  

وذكر جويس أن دولا مثل الصين، والهند واليابان، ودولا أوروبية تقوم ببناء مصانع كهرباء تعمل على الفحم، عالية الفعالية، ومنخفضة الانبعاثات في الوقت نفسه، بينما تبقى أستراليا الدولة الوحيدة التي تريد أن تصدر الفحم ولا تستخدمه.

وقد أعلنت الحكومة يوم الأحد، عن تخصيص مبلغ ستة ملايين دولار من أجل القيام بدراسات حول مشاريع جديدة لتوليد الكهرباء، منها مصنع يعمل على الفحم في شمال كوينزلاند.

أما ألمانيا فتمضي قدما في خطتها للتخلص التدريجي من المفاعلات النووية بحلول عام 2022، إذ إنه في أعقاب كارثة فوكوشيما في اليابان في عام 2011 ، أمرت ألمانيا بالإغلاق الفوري لثمانية من مفاعلاتها الـسبعة عشر، وتراجع توليد الطاقة النووية في ألمانيا خلال السنوات القليلة الماضية، في حين أن إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة آخذ في الارتفاع.

وفي يناير من هذا العام، أصبحت ألمانيا أحدث اقتصاد أوروبي كبير يضع خطة للتخلص التدريجي من توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون -. و أعلنت لجنة خاصة عينتها الحكومة في أكبر اقتصاد في أوروبا عن استنتاجات المراجعة التي أجرتها منذ أشهر واقترحت أن تغلق ألمانيا جميع محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم البالغ عددها 84 محطة بحلول عام 2038 .

استمعوا إلى الحديث مع البروفسور بسام دللي كاملا في المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.


شارك