أصحاب التأشيرات المؤقتة: يساهمون في النمو الاقتصادي لكنّ حقوقهم محدودة

migrants

Source: AAP

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

ترافق الحديث عن مرحلة ما بعد فيروس كورونا مع دعوات بعض الفئات والأحزاب إلى إعادة النظر بسياسة الهجرة الأسترالية وخصوصاً تلك المتعلّقة بحملة التأشيرات المؤقتة. فما هو العدد الفعلي لهؤلاء مقارنة مع المهاجرين الدائمين وما هي الحقوق التي يتمتعون بها في أستراليا؟


تنقسم أنواع التأشيرات التي يحصل عليها القادمون إلى أستراليا بين تأشيرات دائمة ومؤقتة إضافة إلى تلك التي تكون مؤقتة غير أنها تقود إلى الحصول على الإقامة الدائمة. وتعددّ خبيرة الهجرة واللجوء ايفا عبد المسيح بعض التأشيرات المؤقتة: "من أبرزها تأشيرات الزيارة التي نفسها تتضمّن عدة أنواع تأشيرات مثل السياحة أو زيارة الأهل أو زيارة العمل التي تكون عادة لحضور مؤتمرات أو اجتماعات محدودة ولمدة قصيرة جداً، ومن النادر أن تقود هذه التأشيرات إلى الاقامة الدائمة. هناك تأشيرات مؤقتة أخرى متعلقة بالعمل مثل تأشيرات العمال الموسميين أو تاشيرات تسمح لمواطني دول معينة بالقدوم والعمل لفترة محدودة في أستراليا".

أما من ناحية التأشيرات الدائمة فهي تتضمن بعض تأشيرات العمال المهرة إضافة إلى تأشيرات الأهل والأطفال ورعاية كبار السن. وتقول عبد المسيح إن "تأشيرة الشريك هي من التأشيرات التي تبدأ مؤقتة ثم يتم تحويلها إلى تأشيرة دائمة بعد سنتين".

المهاجرون المؤقتون أصبحوا الأكثرية

وتختلف أعداد المهاجرين الدائمين الذين تستقبلهم أستراليا بين سنة مالية وأخرى وقد وصل أقصاه إلى 190 ألف في السنة. وخلال السنوات الأخيرة، أصبح برنامج الهجرة الأسترالي أكثر اعتماداً على حملة التأشيرات المؤقتة في وقت شهد عدد أصحاب الإقامة الدائمة تراجعاً ملحوظاً.

هذا وتشير آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الهجرة أنه حتى نيسان/ أبريل الفائت، كان هناك 2.1 مليون مهاجر مؤقت في أستراليا من ضمنهم الطلاب الأجانب وأولئك الذين يحملون تأشيرة عمل مؤقتة مقابل 1.78 مليون شخص يحملون الإقامة الدائمة.

وتشير عبد المسيح إلى أن التغيير في سياسة وزارة الهجرة كان واضحاً خلال السنوات الأخيرة: "في السابق كانوا يسعون إلى أن يحصل 50% ربما من الداخلين إلى أستراليا على الإقامة الدائمة ولكن الآن هذه النسبة اختلفت كثيراً فهم يريدون حوالي 80% من الأشخاص أن يدخلوا على تأشيرات مؤقتة أغلبها تنتهي بعد فترة قصيرة وتجبر أصحابها على العودة إلى بلادهم".

فترات انتظار طويلة للحصول على الإقامة الدائمة

وكانت الحكومة الفيدرالية قد أعلنت العام الماضي تخفيض عدد المهاجرين الدائمين إلى أستراليا من 190 ألف إلى 160 ألف مهاجر في السنة، في محاولة من قبلها لتخفيف الضغط على المدن الكبرى. كما تم الإعلان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عن برنامج تأشيرات جديدة مؤقتة ومخصصة للمناطق الريفية، وتتطلب هذه التأشيرات من أصحابها العيش والعمل لمدة لا تقل عن 3 سنوات في تلك المناطق قبل التمكن من التقدّم للحصول على الإقامة الدائمة.

وفي وقت أدت هذه الاجراءت إلى انخفاض عدد المهاجرين الدائمين بحدود 30 ألف في السنة، شهد عدد المهاجرين المؤقتين الذي لم يتم وضع أي سقف له ارتفاعاً جذرياً من 1.6 مليون شخص في عام 2011 إلى 2.4 مليون في نهاية العام 2019.
Tasmanian Government announces support package for temporary visa holders
Source: Getty Images/mihailomilovanovic/AAP Image
ويواجه المهاجرون الذين يحاولون الحصول على التأشيرات الدائمة فترات انتظار طويلة جداً مع تخفيض عدد الطلبات المقبولة كل عام.

وبحسب المحامية ايفا عبد المسيح، يعود السبب في ذلك إلى "الاجراءات الأمنية والتدقيق في ملفات المهاجرين إلى استراليا خصوصاً بعد الحروب والأحداث الارهابية مما ساهم بتقليل العدد بشكل كبير" وتضيف عبد المسيح: "حتى الذين يحصلون على الإقامة الدائمة أصبحوا ينتظرون كثيراً قبل الحصول على الجنسية لأن السلطات تريد التأكد من اختبار الشخصية لكل شخص يتم إعطاءه الجنسية الأسترالية".

العمال المؤقتون: استغلال وحقوق محدودة

على خط آخر، يدفع المجلس الأسترالي للنقابات العمالية باتجاه اعطاء أولوية للمهاجرين الدائمين، محذراً من الاستغلال الكبير الذي تتعرض له فئة المهاجرين المؤقتين. واعتبر المجلس أن أصحاب العمل يستغلون العمال الأجانب من خلال إعطائهم أجوراً منخفضة وذلك بدلاً من توظيف عمال أستراليين بأجور أعلى.

غير أن الحكومة الفيدرالية أكدت أنها شددت اجراءاتها في هذا المجال بتقوية نظام اختبار سوق العمل الذي يضمن اعطاء الأستراليين الأولوية بالحصول على الوظائف، وأيضاً من خلال الغاء تأشيرة العمال المؤقتة رقم 457 واستبدالها ببرنامج أكثر استهدافا للوظائف التي يحتاجها سوق العمل الأسترالي.
New migrants are still in challenge in COVID 19 situation (Image representational)
New migrants are still in challenge in COVID 19 situation Source: AAP
ويتمتع أصحاب التأشيرات المؤقتة بحقوق أقل بكثير من أولئك الذين يحملون الإقامة الدائمة وقد بدا ذلك جلياً خلال أزمة وباء كورونا حيث استطاع المقيمون الدائمون الحصول على المعونات الحكومية المقدمة في إطار برنامجي JobKeeper و JobSeeker في الوقت الذي طُلب فيه من أصحاب التأشيرات المؤقتة الذين لا يستطيعن إعالة أنفسهم خلال هذه الفترة أن يعودوا إلى أوطانهم الأم، وكل ما يمكن لهؤلاء الحصول عليه هو جزء من مدخراتهم التقاعدية.

وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن أصحاب الإقامة الدائمة يستفيدون من خدمات الرعاية الصحية (الميديكير) ويتمتعون بحقوق غير مشروطة للعمل في استراليا بينما على أصحاب التأشيرات المؤقتة التكفل بتأمينهم الصحي الخاص كما يخضعون لشروط صارمة جداً تتعلق بقدرتهم على العمل في أستراليا.

التراجع في حركة الهجرة يهدّد الاقتصاد

خلال السنوات الأخيرة كانت حركة الهجرة تساهم بثلثي النمو الاقتصادي للبلاد أي حوالي 1% من النمو سنوياً بحسب ما يشير الخبراء الاقتصاديون. ويتضمن ذلك مساهمة حوالي 570 ألف طالب أجنبي الذين يدرّون على الخزينة الأسترالية نحو 39 مليار دولار سنويا. مع الإشارة إلى أن أستراليا تمتلك ثاني أكبر قوة مهاجرة بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهي تأتي في المرتبة الثانية فقط بعد الولايات المتحدة الأميركية.

ويرى البعض أن التراجع في حركة الهجرة سوف يجعل عملية التعافي الاقتصادي من أزمة كوفيد 19 أطول وأكثر صعوبة.

من جانبها تشبه المحامية ايفا عبد المسيح حركة الهجرة في أستراليا بالحركة الاقتصادية: "هي تتوقف على العرض والطلب؛ فكل ما وضعوا قوانين تقلل عدد المهاجرين أو العمالة المؤقتة كلما زادت الحاجة من قبل الشركات لهذه العمالة، وعندما تزداد الحاجة سيعود الطلب على هؤلاء إلى الارتفاع مما سيعني الاتجاه إلى زيادة عدد المهاجرين من جديد".

شارك