من القبيات إلى أستراليا، 52 سنة من الهجرة تكللت في 18 حفيدًا.

Olga Zaituni

Olga Zaituni with her late husband Joseph in Melbourne. Source: Olga Zaituni

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

من بلدة القبيات في شمال لبنان إلى أستراليا في قصة هجرة تكللت بحب وزواج أثمرعن 4 أولاد و18 حفيدًا ولكن لماذا لم ينتظرها أحد على المطار يوم وصولها إلى أستراليا من 52 سنة؟


ولدت أولغا زيتوني في بلدة القبيات في شمال لبنان والتي تبعد عن بيروت 140 كيلومترا، وترعرعت بين برج حمود شتاءً والقبيات صيفًا.

انتقلت في رحلة عمر وهجرة إلى أستراليا عام 1969 تاركة الأرض التي ولدت فيها لتنضم إلى شقيقتها وأخويها الذين خاضوا غمار الهجرة قبلها.


النقاط الرئيسية

  • هاجرت أولغا في رحلة العمر إلى أستراليا في ليلة عيد الميلاد عام 1969
  • وصلت إلى مطار ملبورن ولكنها لم تجد أيا من أقاربها، فأقلها أحد الركاب إلى منزل إخوتها
  • انتقلت من ملبورن إلى سيدني بعد زواجها واليوم هي جدة ل18 حفيدًا

من يعرف القبيات البلدة الشمالية يعشقها! وهي إبنة القبيات التي يسبقها قلبها إليها رغم المسافة الطويلة.

الطريق الطويلة من بيروت "عالضيعة" تصبح متعة في سيارة محمّلة لصيفية كاملة ستحلو أيامها في كل تفاصيل البلدة ونبضها وشوارعها. هناك تستيقظ الروح على صوت أجراس الكنائس وصلاة الصباح لأجداد لم ولن يتركوا تلك الأرض!

وصفت طفولتها المطبوعة في وجدانها في القبيات الخلابة قائلة:

"كنا ننتظر بفارغ الصبر الذهاب إلى القبيات لنتنشق هواءها النقي. كان يزورنا الجميع ويتأهل فينا وكأننا عدنا من السفر". عاشت 19 سنة في لبنان بين برج حمود والقبيات تركت في قلبها جرح الفراق قائلة:
يا ليت كل لبناني يختبر الغربة ليعرف قيمة وطنه
تركت تلك الأرض في عمر 19 سنة وهاجرت إلى استراليا عام 1969 عشية عيد الميلاد، فكان العيد وحيدًا حزينًا بين أرض وسماء على متن طائرة تسافر فيها للمرة الأولى في حياتها.

صعدت على متن الطائرة للمرة الأولى واحتفلت بعيد الميلاد بين الأرض والسماء. كانت دموعها تنهمر وسادتها مشاعر الحزن لتمضية العيد بمفردها لكنها كانت تتوق لرؤية إخوتها في ملبورن.
وصلت إلى مطار ملبورن الدولي، وكانت بفارغ الصبر لرؤية إخوتها ولكنها صدمت بعدم وجود أي شخص في انتظارها فقالت:
شيء مضحك ومبكي في آن واحد! كنت انتظر معانقة اخوتي الذين هاجروا حين كنت صغيرة، ولكنني لم أجد أحدًا بانتظاري في المطار
وسردت بشوق قائلة:

"لحسن الحظ اقترب مني شاب لبناني ارمني رافقني على الرحلة فطمأنني واوقف سيارة أجرة واوصلني على باب المنزل بحسب العنوان الذي كان معي، ولكن لسوء الحظ لم أجد أحدًا".

اضطر الشاب لترك أولغا بمفردها هناك تنتظر اخوتها، فهي لم تع ان الرحلة تأخرت في هبوطها لذا انتظر اخوتها في مقهى بقرب المطار وما ان غادرت هي حتى وصلوا هم.

لم تشعر بالغربة وسط رائحة أهلها، ولكن سرعان ما قرع الحب باب حياتها وخفق القلب لابن بلدتها جوزيف. تقول عن الحب من النظرة الأولى:

"لم أعرف جوزيف من قبل رغم أننا من نفس الضيعة. أتى إلى ملبورن لزيارة إخوتي ومن النظرة الأولى تهافت القلب".
Olga Zaituni
Olga and Joseph Zaituni, love at the first sight. Source: Olga Zaituni
وسرعان ما وصل إلى سيدني، ليعود في اليوم نفسه إلى أولغا وبعد خمس رحلات  في السيارة بين الولايتين والقلبين، تكلل حبهما بنعم أبدية لن يفرقها الا الموت.

من ملبورن إلى سيدني

بدأت الغربة الحقيقية في سيدني مع انتقال أولغا مع زوجها هناك. تقول أولغا أن جوزيف نجح في تعويض الكثير من شوقها لأهلها بمحبته:
جوزيف هو أول من هاجر إلى سيدني من القبيّات لذا فتح بيته لكل مهاجر من قريته وبمحبته عوض لي الكثير من العاطفة
وأضافت قائلة:

" مع عودة جوزيف إلى العمل بعد شهر العسل، كنت أجلس في غرفتي وأبكي".
Olga Zaitouni
Olga and Joseph Zaitouni on their wedding day. Source: Olga Zaitouni
انسلخت اولغا عن عائلتها ولم تجد أحدًا من أقربائها هناك. ومع أمومتها الأولى والثانية شعرت الأم الشابة بثقل المسؤولية والغربة.

ولكننها تسلحت بالإيمان، الرضى والعزيمة مع رفيق الدرب. فكبرت العائلة وأخذ البيت يضج بالحياة مع جوني، جويل، دانيال وأنطوني. وعن أمومتها قالت أولغا:

"أولادي هم قلبي، روحي وحياتي. هم استطاعوا أن ينسوني قساوة الفراق"
Olga Zaituni
Olga and Joseph with their children Johnny, Joel, Daniel and late Anthony. Source: Olga Zaituni

لم يزهر قلبها بعد أيلول 2012

"تقبرني... " هي طلبة كل إم لبنانية لا نجد مثيلًا لهذه الكلمة في لغات العالم كلها. لم تستجب الحياة لدعوة أولغا، فاختطف الموت صغير البيت، فرحته وضجيجه أنطوني. بكي قلب الأم وهي تودع صغير البيت عن عمر يناهز 32 سنة.

تقول له اليوم: "أحبك كثيرًا يا بني، يا حبيب قلبي، تركتني باكرًا ولم أشبع منك".

وعبرت عن مشاعرها مع فقدان أنطوني الذي جعلها تختبر جزءًا من آلام السيدة مريم العذراء على موت وحيدها.   

آخر رحلة إلى لبنان كانت منذ ثلاث سنوات مع رفيق الدرب جوزيف. لم يعرفا انها الرحلة الأخيرة سويّا الى تلك الأرض الأم. فرحل رفيق الدرب بعد سنة على صيفية العمر في مسقط رأسه.
Olga Zaituni
Olga with her late husband Joseph. Source: Olga Zaituni

جدة ل18 حفيدًا

حضّر أبو جوني بيتًا يحتضن عائلته الكبيرة، فجمعة العائلة وضجيج أحفاده ال18 كانت فرح قلبه. تقول اولغا:

"ليس أغلى من الولد إلا ولد الولد. عندما نجتمع أطلب بركة الرب! إنهم حياتي ولا يتركوني. الحفيد يجعلك تعيشين من جديد"
Olga Zaituni
Olga with some of her grandchildren Source: Olga Zaituni
وختمت معربة عن محبتها وانتمائها لأستراليا التي عاشت فيها معظم حياتها قائلة:
أستراليا هي وطني. علمتني المحبة واحترام الانسان وعلينا احترامها كما قدمت لنا الاحترام
أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و و

توجهوا الآن إلى للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.  

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر  أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على  

 

 


شارك