كيف ستسدد الحكومة ديون كورونا بعد انتهاء الأزمة؟

The road to recovery is long, Deloitte Access Economics said

Source: Getty

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

"حزم التحفيز الحكومية التي تساعد المواطنين والمقيمين الدائمين على تجاوز أزمة كورونا الصعبة ضرورية جدا. ولكن، هذه الأموال هي دين سيتحمل عبئه دافع الضرائب."


أعلنت الحكومة عن صافي دين إجمالي خلال موازنة عام 2020 بمقدار 703 مليار دولار بالإضافة إلى عجز في الموازنة بقيمة 213.7 مليار دولار. لكن الحكومة تتوقع أن يستمر تصاعد الديون حتى يصل إلى قرابة تريليون دولار في يونيو حزيران 2024. 

وأعلنت الحكومة خلال الموازنة أنها تتوقع أن يصل إجمالي الدين إلى 966 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ أستراليا.


لكن السؤال الذي يراود الجميع حاليا: كيف ستسدد الحكومة هذا الدين الذي يملك المصرف المركزي الحصة الأكبر منه؟

بودكاست "لنحكِ عن المال" يستعرض اليوم في حلقة جديدة مع المحلل الاقتصادي عبدالله عبدالله بعض الاحتمالات التي يمكن أن تستخدما الحكومة لتسديد الدين العام الأسترالي، و كيف يمكن لهذا الاحتمال أو ذاك أن يؤثر على دافعي الضرائب في استراليا. والأفكار الواردة في هذه الحلقة هي على سبيل المعلومات العامة فقط.
Tax Stimulus Packages
Source: Getty Images
يقول السيد عبدالله "ان المساعدات و حزم التحفيز الحكومية التي تساعد المواطنين والمقيمين الدائمين على تجاوز هذه الفترة الصعبة ضرورية جدا. ولكن، هذه الأموال هي دين سيتحمل عبئه دافعوا الضرائب." ويضيف بأن العديد من خبراء الاقتصاد طرحوا نظريات حول سبل تسديد هذا الدين، ولكن من غير المعروف حتى الآن المسار الذي ستتبعه الحكومة فعلا.

وبحسب عبدالله، بالرغم من كبر حجم الدين الا أنه يعد مقبولا إذا ما قورن بحجم الاقتصاد الأسترالي او الناتج القومي. ويقول ان المشكلة الحقيقة تكمن في خدمة هذا الدين خلال السنوات القادمة أي الفوائد المترتبة عليه والتي تتطلب من الحكومة وضع خطة مستدامة ومحكمة للتعامل معه.

وقال بعض المحللين الاقتصاديين انه ليس لدى الحكومة خيارات كثيرة. ومنها أن تزيد الضرائب المتمثلة بضريبة الدخل او ضريبة السلع والخدمات GST او الـ Medicare Levy أو ضرائب حكومات الولايات مثل الـ Stamp duty او الـ Payroll tax او الـ Land tax.
"وجهة نظر الحكومة الحالية تؤمن بعدم زيادة الضرائب على الشركات لأنها تعتبر أن الضرائب المنخفضة على الشركات تشجع على الاستثمار مما يخلق فرص عمل جديدة ويساعد على استعادة الاقتصاد لعافيته."

ويفسر عبدالله أن هذا يعني أن الحكومة تحصل على بعض من مردودها عن طريق ضرائب الدخل الفردية او income tax وهي نظرية تسمى بـ trickledown economics. أي أن الاستفادة تبدأ من أعلى الهرم ليستفيد منها معظم الفئات لاحقا. ويضيف أن هناك الكثير من الاقتصاديين الذين يشككون بالجدوى الحقيقية لهذه النظرية وهم ميالون اكثر لفرض ضرائب مرتفعة على الشركات.
Families urged to report foreign incomes to Tax Office
The exterior of the Australian Government Taxation Office in Sydney Source: AAP
ومن أبرز السبل الأخرى المقترحة لزيادة دخل الحكومة تطبيق إصلاحات في القوانين الضريبية على الشركات المتعددة الجنسية واغلاق الكثير من الثغرات القانونية التي تسمح لها بتخفيف فاتورتها الضريبية. ويقول عبدالله أن الكثير من هذه الشركات لا تدفع ضريبة على الأرباح التي تجنيها من استراليا وهذا شيء موثق في تقارير علنية من مكتب الضريبة.

ومن النظريات المتداولة  الأخرى البعض لسد الدين العام كانت ما يسمى بـ Modern Monetary Policy او السياسة المالية الحديثة. ويقول عبدالله ان هذه النظرية تتمثل في أن يقوم مصرف الاحتياط بطباعة النقود لسداد الدين حتى لا تضطر الحكومة الى زيادة الضرائب على المواطنين.

ويضيف ان هذه نظرية تستحق الدراسة ولكنها تواجه عقبات داخلية وخارجية. أولها ان مصرف الاحتياط غير قادر على طبع النقود او ضخ الكثير من المال في الاقتصاد لان هذا الشي يمكن أن يؤدي الى الوقوع في فخ التضخم وخسارة العملة الوطنية لقيمتها وخاصة ان الدولار الأسترالي هو من العملات المتداولة بالسوق العالمي.

"أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث لأستراليا هو التضخم في ظل الانكماش الاقتصادي."
Bond markets
Source: AAP
ومن المعروف ان مصرف الاحتياط  يشتري الدين الحكومي عن طريق سندات وزارة المال Treasury bonds والتي هي متداولة أيضا في السوق العالمي. وفي ظل النظام المالي العالمي الذي نعيش فيه، يمكن لخطوة كهذه أن تؤثر على سمعة هذه السندات في السوق العالمية في المستقبل.

"انها حتما نظرية تستحق الدراسة، ولكن يجب أن نتذكر ان استراليا جزيرة معزولة جغرافيا، ولكن اقتصاديا وماليا هي مرتبطة بالاقتصاد العالمي بشكل كبير."

ويشعر الكثير من الاستراليين بالقلق حيال عودة الحكومة الفدرالية الى تقليل دفعات المساعدات الاجتماعية، وارجاعها الى ما كانت عليه قبل أزمة الكورونا بالنسبة لـ jobseeker plan ومساعدات الـ pension وcommission houses و childcare وتخفيض الاستثمار في قطاعي الصحة والتعليم.

يقول عبدالله بهذا الصدد: "نتمنى ان لا تلجأ الحكومة الى ذلك على المدى المتوسط والبعيد، لأنها بهذا ستزيد من توسيع الهوة بين فئات المجتمع و هذا شي له اثر سلبي على المردود الاقتصادي الإجمالي، وهناك دول شهدت هذه التجربة بالفعل وواجهت نتائج عكسية."
People walk past the Reserve Bank of Australia (RBA) in Sydney, Tuesday, April 6, 2016. The RBA is expected to leave interest rates on hold today. (AAP Image/Dean Lewins) NO ARCHIVING
People walk past the Reserve Bank of Australia (RBA) in Sydney. Source: AAP
ويذكر المحلل الاقتصادي انه وبالتزامن مع ايجاد خطة مستدامة لدفع الدين يجب على الحكومة أن تبحث عن سياسات اقتصادية طويلة الأمد لخلق أنواع جديدة من الاقتصاد في مجالات التكنولوجيا الخضراء.

"على سبيل المثال اعادة فرض ضريبة الكربون، والاستفادة من التطور التكنولوجي لزيادة الإنتاجية في القطاعين الخاص والعام وتخفيف الهدر الغير مباشر جراء تعثر الكثير من المشاريع الحكومية بسبب ضعف التخطيط والتنفيذ. والامثلة كثيره وأبرزها شبكة NBN الشهيرة التي كلفت دافعي الضرائب أموالا أكثر بكثير من التي كانت مرصودة لها أساسا."

ويضيف: "لا بد لنا من ذكر ان احتمال بيع او خصخصة ما تبقى من قطاعات، المديكير مثلا، يمكن أن يراود البعض كوسيلة للحكومة لتسديد الدين. ونحن نتمنى أن لا يحدث هذا الامر، لان الخصخصة قد تقوم بحل الازمة مؤقتا عن طريق ادخال أموال لخزائن الحكومة ولكنها ستزيد الأعباء على الأجيال القادمة."

شارك