مهاجرة بالصدفة: تركت عملها الدبلوماسي للاستقرار في أستراليا بعد تشخيص ابنها بالتوحد

Iman al Alami

Iman al Alami Jordanian former consul in Australia Source: Iman al Alami

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

السيدة إيمان العلمي وُضعت على مفترق طرق بعد التشخيص المبكر لابنها الأول في أستراليا وقررت عدم العودة من أجل توفير مستقبل أفضل له


عملت السيدة إيمان العلمي بجد لتصبح قنصل بلادها في أستراليا. انتقلت إلى العاصمة الفيدرالية كانبرا في عام 2009 وبدأت عملها الدبلوماسي.

وقالت العلمي لأس بي أس عربي24: " أربع سنين مروا علي في السفارة، كانت تجربة من أروع ما يكون في خدمة وطني الأردن." وأضافت "تعرفت على زوجي خلال تلك الفترة، وكانت تلك أكبر هدية منحتني أياها أستراليا، اتممنا الخطوبة والزواج، وبعدها رزقنا الله بأول ولد."

وطبقا لنظام العمل الدبلوماسي، كان يتعين على العلمي أن تعود إلى الأردن بعد قضاء السنوات الأربعة من أجل الحصول على تدريب جديدة لمدة سنة، قبل الابتعاث إلى بلد جديد.

وقالت "زوجي من خلفية إيرانية، لكنه جاء إلى أستراليا عندما كان في السادسة من العمر، وقد تربى طوال عمره في مدينة سيدني." وأضافت "كان مستعد للعودة مع إلى الأردن بل ومتحمس بعدما عرف عن بلدي الكثير."

ولكن منذ أن انجبت العلمي، وهي تشعر ان ابنها مختلف عن باقي الأطفال في عمره، رغم أنه كان لا يزال في عمر مبكرة، وهي كانت أم لأول مرة: "شعرت بغريزة الأم أن ابني يعاني من توحد."
بدأت مبكرا في المتابعة الطبية وبالفعل قبل أن يتمم سنتين وتحديدا في عمر 20 شهرا تم تشخيصه باضطراب التوحد: "كان الأمر صعبا للغاية، وكانت تلك من أصعب الفترات في حياتي، لأني وجدت نفسي عند مفترق طرق."

وأضافت "لم أتفاجأ ولكني كنت حزينة، وشعرت أن احساسي من البداية كان محقا، وبدأت مباشرة في التفكير فيما يجب على أن أفعله."

كانت العلمي وأسرتها الصغيرة الجديدة أما خيارين: "إما أن نذهب إلى الأردن ومنه إلى بلد ثاني، مع ما يصحب ذلك التنقل من تأثير على نفسية طفل صغير لديه توحد." وكانت العلمي تفكر أيضا في جهود التدخل المبكر التي بدأها الأطباء مع ابنها، وخطورة انقطاع تلك المتابعة عند المغادرة.
Iman al Alami
Iman al Alami former Jordanian consul in Australia Source: Iman Al Alami
بحسم قالت العلمي "العائلة تأتي أولا". كان هذا القرار يعني "ترك وزارة الخارجية الأردنية والاستقرار في أستراليا لأن الخدمات أفضل والعلاج أيضا والمتابعة ستكون من الأفضل على مستوى العالم."

العلمي التي عملت كمذيعة راديو لثلاث سنوات قبل الانتقال إلى الخارجية ثم العمل كقنصل لبلادها، وجدت نفسها أم تقضي وقتها كله في المنزل: "كان هذا هو الواقع الذي فُرض علي، ويتعين على التعامل مع بأفضل طريقة."

وقالت "كنت حزينة للغاية وقتها لأني تعبت كثيرا وبذلت مجهود لأصبح دبلوماسية أردنية، وهذا أمر ليس من السهر تحقيقه."

لكن لا شيء يضاهي حب الأم لابنها: "الكفة التي رجحت أن ابني أهم من أي شيء في العالم، أهم من أي مسار مهني أو أي شيء آخر."
كان المتابعة الطبية تشغل وقتها بالكامل، حيث كان هناك مواعيد مع الاخصائيين من الكلام إلى التخاطب وصولا إلى العلاج الوظيفي. وفي ظل تلك الضغوط يظهر معنى الاغتراب، مع غياب الدعم الأسري.

وقالت "الغربة ليست سهلة أبدا، ولا يوجد نظام دعم، صحيح أن عائلة زوجي موجودة في سيدني، ولكننا مقيمين في كانبرا، وأنا عائلتي في الأردن، وفعليا كان ما أملك هم صديقاتي في كانبرا."

وأضافت "كثيرا ما كنت أجد نفسي وحدي، فزوجي في العمل أعلب الوقت، لأني تركت عملي وأصبح لديه مسؤولية أكبر لأنه المسؤول الوحيد عن العائلة. وأنا كنت أشعر بالعزلة والوحدة في تلك الأوقات."

ولكن ما هون عليها هو وجود صديقات من خلفية عربية في كانبرا، والتي تستضيف السفارات من جميع الجنسيات العربية والأجنبية أيضا.
Zac and Yasmin Al Alami
Iman al Alami kids - former Jordanian consul in Australia Source: Iman al Alam
ومع تشخيص حالة ابنها، كان هناك طفل آخر في الطريق: "ابنتي وُلدت في الفترة العصيبة التي صار فيها التشخيص، وكانت صعبة للغاية، لأني كنت أحاول توزيع وقتي بين ابني وابنتي، وقد حاولت أن ارسل ابني إلى الحضانات ولكنهم رفضوا لأنه حالة خاصة."

وأضافت "بعض الحضانات التي تستقبل الحالات الخاصة رفضت أيضا، لأن ابني لم يكن لديه أي نوع من أنواع الإدراك لسلامته الشخصية وبحاجة إلى وجود شخص معه في كل خطوة."

لكن الآن تشعر العلمي أن تلك الرحلة كانت تستحق العناء: "أنا محظوظة للغاية أن ابني يذهب إلى المدرسة لأن عمره سبع سنين، وقد ذهب إلى المدرسة في الخامسة، وهي مدرسة متخصصة في الاحتياجات الخاصة."

وأضافت "هي مدرسة أكثر من رائعة، وكلما أتذكر كل ما حدث، أشعر كم أنا محظوظة وسعيدة بهذا القرار الذي أخذته بتفضيل أستراليا، لأن المدرسة على مستوى عالمي من ناحية العناية والاهتمام ولا تكلفني كمواطنة أسترالية أي شيء."

وقالت "في بلادنا للأسف، إذا كان لديك طفل من أصحاب الاحتياجات الخاصة، تكون التكلفة بالآلاف كل شهر."
الآن ومع ذهاب طفليها إلى المدارس وتوافر المزيد من الوقت لها، قررت العلمي العودة إلى الدراسة: "أنا أدرس إرشاد نفسي في الجامعة، وسعيدة بهذا التخصص وهو شيء قريب من قلبي، وأنا أدرس بدوام جزئي وبلا ضغوط."

هذه التجربة كشفت جانبا لم تكن تدركه السيدة إيمان العلمي عن نفسها: "لم أكن أعرف أني قوية لهذه الدرجة، وكل شيء حدث كان وراءه سبب، وأنا سعيدة بكل الذي حدث وكل القرارات التي أخذتها وراضية ومتقبلة وضع ابني ومتفائلة بالمستقبل."


شارك